أغــاظَ الـقـلـبَ رُؤْيَـتُـــه الـحِــدادا
يَـلُـفُّ الـحـسـنَ يـكـسـوه الـســوادا
كـأنَّ الـلـيـلَ فــي يــومٍ خـريــفٍ
تَـلَـحَّــفَ بـالـدُّجُــنَّـةِ واسْـــتَـــزادا
فـأَسْـبـغَ مــنـه داجِـيَــةً عـلـيـهــا
فـكـانـتْ عـنـد بُـغْـيَـتِـهـا الـمُــرادا
فـأَسْـبَـلَـتِ الـسَّـــوادَ عـلـى جـمــالٍ
فــزادَ بــهــاؤُهــا مـنــه اتِّـقــادا
فـقـلـتُ لها أَطَـلْـتِ الحـزنَ هَـمْــسٌ
وأبـكـيـتِ الـحـمــائِــمَ والـجَــمــادا
وأتـعـبـتِ الـلـيـالِـيَ ســـاهِـــراتٍ
وقـد أضـنـيـتِ بـالسَّـهَـرِ السُّـهــادا
فـهـل يـا هـمـسُ نَـهْـنَـهَـةً لـكـيــلا
يَـشِـفَّ الـوَجْـدُ قـلـبَـكِ أو يَـكــادا
لـمـاذا تـُكْـثريــنَ الـنَّـوْحَ حُـزْنـاً
و هــل دمــعٌ جَــرى ميـتٌ أعــادا
فـثـارتْ هـمـسـةٌ غـضـبـاً كـأنــــي
عـلـى الآلامِ أَوْرَيْــتُ الــزِّنـــادا
و قـالـتْ لي وفي الـعـيـنـيـنِ دمـــعٌ
خَـشـيـتُ عـلـيـه مِــنْ وَفْـرٍ نَـفــادا
تَـفَـلَّـتَ فـوقَ خَــدَّيْـهـا انْـصِـبـابـــاً
يُـحـاكي الـغـيـثَ مُـنْـسَـكِباً عِهــادا
هـلِ اسْـتَـكْثَرْتَ حُزْني فـي عَـزيـزٍ
عــظـيـمِ الـشَّــأنِ لا يَـأْلـو ازْدِيــادا
أَلَــوْمٌ إِنْ بَـكَـتْ بِـنْـتٌ أَبــاهـــا
وهـل أَغْـنـى الـمَـلامُ وهــل أفــادا
أَعَـيْـبٌ إِنْ شَـقَـقْـتُ عـليـه جَـيْـبـي
أوِاسْـتَـبْـدَلْـتُ بــالـجَـيْـبِ الـفُــؤادا
أبـي صَــدْرُ الـحَـنـانِ وأَيُّ صَــدْرٍ
أَحَـنُّ عَـلَـيَّ إِنْ رُمْـتُ اسْــتِـنــادا
ومُـتَّـكَـئي إذا عــانَـيْـتُ جُـهْــداً
ومـا أَطْـراهُ مِـنْ تَـعَـبٍ وِســادا
ومَـوْئِـلُ راحَـتـي ومَـلاذُ خَـوْفـي
فَـمَـنْ لـي إِنْ تَـغَـيَّـبَ أَنْ يُــرادا
إذا نــاديــتُـــهُ يــــومــــاً لِأَمْــرٍ
فَـيـا نِـعْــمَ الـمُـلَـبّــي والـمُـنــادى
فـقـلـتُ لـهـا حَـنـانَـكِ هَـمْـسُ إنّـي
أردتُ الـخـيـرَ لـمْ أَبْـغِ الـفَـســادا
ومـا أنــا بِـالـمُـعَـكِّــرِ صَـفْــوَ وُدٍّ
ولا الـمُـذْري على الـوردِ الرَّمـادا
ولـم أسْـلُـكْ إلـى الـتَّـبْـكـيـتِ دَرْبـاً
ولـم أُسْـرِجْ إلـى الـعُـتْـبـى جَــوادا
ولـم أَتَـحَـرَّ إعْـنـاتـــاً مَـلامــــاً
ولـم أَقْـهَـرْ ولـم أَنْـهَـرْ عِــنــادا
ولَسْـتُ بِـخـائِضٍ حَرْباً ضَـروسـاً
ومِـثْـلـي لـم يُـعـادِ ولـم يُـعــادا
ولَـسْـتُ بِـطـالِــبٍ ثَــأْراً قَــديـمــاً
ولَـسْـتُ بِـراغِــبٍ فـيـكِ انْـتِـقــادا
ولكنْ نُصْـحُ مَـنْ يُـولي اهْـتِـمـاماً
بِـمَـنْ صــانَ الأُبُــوَّةَ والــوِدادا
وإنَّ أبـاكِ وَهْــوَ الـيـومَ صَـرْحٌ
تَـسـامـى شــامِـخـاً وعَــلا عِـمـادا
سَـيَـبْـقـى فـي قـلـوبِ الناسِ حَـيـاًّ
تُــغَــنّــيــهِ قَــوافـيــهِ غِـــرادا
وتَـنْـثُـرُهُ عـلـى الـدُّنْـيـا وُروداً
جَــنـى أفـكـارِهِ حُـلْـواً شِــهــادا
فـلا تَـأْسَـيْ عــلــيــه أُخَـيَّـتــاهُ
وقـد عَـمَّـتْ قـصـائـدُهُ الـبِــلادا
وهـذي الـكأسُ مُـتْـرَعَةً سَـتَـبْـقى
شَــريعَـتَـنـا عـلى الكُرْهِ ارْتِـيــادا
فـلا مَـنْـجـاةَ مِـنْ وِرْدٍ عـلـيـهــا
ولا مَـنْـأى هـنـاك و لا حِـيــادا
فَـكُـلُّ الـنـاسِ يـوماً لـيـس بُــدٌّ
يَـشِــتُّ الـمـوتُ شَـمْـلَـهُـمُ بَـــدادا
هـي الـدنـيـا تَـسُـرُّالـنـاسَ يـومـاً
وأيّـامـاً تُــري الـسَّــبْـعَ الـشِّــدادا
فَـسودُ الـنّـائـبـاتِ تَـجيءُ تَـتْـرى
وبـيـضُ هِــبـاتِـهـا تـأتـي فُــرادى
وإنْ يـومُ الـسُّـرورِمَضى و وَلّـى
مُـحـالٌ أنْ يـعــودَ وأنْ يُـعــادا
فـصبـراً هـمسُ إنَّ الحزنَ يُضْني
و جِـدّي في مَـراقـيــه اجْـتِهــادا
إلى أنْ تـأْلَـفـي نُـوَبَ الـلّـيــالـي
إلـى أنْ يُصـبحَ الصبرُ اعْـتِـيــادا
ضِـماداتُ الجـراحِ إذا تَناهَـتْ
فـإنَّ الـصـبـرَ أنْـجَـعُـهـا ضِـمـادا
م . نواف عبد العزيز
أبو عبادة
2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق