وفي اليسرى
خمرٌ معتّقة في طييها وزرا
قد رامَ فيها لعمرُ الله راحتهُ
فراحَ يرشف من كاساتها سُكرا
جلستُ أرقبُهُ، في صمتهِ جذلا
كأنّهُ الليلُ يُخفي في الدجى سرّا
والهمُّ يلثمُهُ، والدمعُ يحضنهُ
لكنّهُ مرتدٍ من جرحه كبرا
كأنّهُ فوق جمرِ الحزنِ منطفئٌ
لكنْ يُخبّئُ في اعماقه بحرا
يمشي وحيدًا، وفي عينيه ملحمةٌ
من الحنينِ الموشى بالهوى سحرا
يُهدي الغروبَ شتاتَ الروحِ مبتسما
كأنه ملك في عرشه قرا
لا يسألُ الناسَ عن حالٍ يُكابدهُ
ولا يُجيبُ إذا ما سائلُ أزرا
يُخفي انكسارَ الليالي في ملامحِهِ
ويزرعُ الضحكَ في انيابه فجرا
يسائل الدرب ما جدوى مسيرتنا؟
إذا غدونا مع أحلامنا أسرى
ليستفيق على صوت الأسى دمه
فلا يرى غير أوهام له تترا
يجر أثقاله والدمع يسأله
أما ممدت إلى أفراحكم جسرا
ليشعل الصمت في أعماقه ألما
مودٍ بكل سرور محدثا كسرا
ما عادَ يرجو من الدنيا سوى قبسٍ
يُنسيهِ ما كانَ من أوجاعه غمرا
وينفث الهم دخانا كعادته
كأنه قابض في ثغره جمرا
يمشي وفي قلبه نار تورقه
كأنها حفرت في صدره قبرا
يسائل الليل هل في الصبح جنته
أم أنه سوف يبقى حائرا دهرا
***
أكلما مدت الأوجاع لي يدها
صافحتها صامتا مادا لها صدرا
والصمت حولي ركام من تأمله
وكلما فار غيضا غضته صبرا
يا ساحر الطرف كم أغويت ذا وجعٍ
حتى تخيلت أن الشعر لي عذرا
عبدالباري خالد الشرعبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق