السبت، 28 مارس 2020

الغشاء : بقلم الشاعر / د.ابراهيم مصري النهر

الغشاء
عاد لتوِّه من السفر، ليرفع الغشاء الأبيض الشفاف من على وجه القمر، وجه عروسه؛ ولك أن تتخيل حجم المعاناة والشد والجذب والتجهيز والإنفاق الذي يسبق هذه اللحظة، قبَّل وجنتيها التي انفقأ فيهما حب الرمان، اختبئا تحت اللحاف، لم ير أي أثر للغشاء، تغيرت فجأة سحنته، تسربت إلى خلجات نفسه مشاعر كثيرة متداخلة: ظنون، حزن، شكوك.....
ارتدى ملابسه الداخلية، اختطف علبة السجائر والولاعة من على خزينة الأحذية المجاورة للسرير.
وقف على سور الشرفة واضعا رأسه الذي سينفجر من الظنون السيئة بين كلتا يديه، يشعل سيجارة من الأخرى، يزفر مع دخانها: حنقه، وغضبه، وغيضه، ووساوسه، التي ازدحمت على باب عقله الموارب.
مشوش الذهن، فاقد التركيز، تجاوزت عقارب الساعة الثالثة صباحا بقليل، اتصل بعد تردد على صديق له طبيب .......

في ركن الحجرة جلست القرفصاء، تدفس رأسها بين كتفيها، أزالت الدموع كحل جفنيها وزينة عرسها، تخنقها العَبرة، تنظر إلى نافذة الغرفة، صدى العار يطاردها، يُطبق على أنفاسها، صورة أبيها الذي نكَّست رأسه، وجلبت له الشنار لا تفارقها، تدخل في نوبة بكاء حادة، تتساءل: متى انفض غشاء بكارتي؟! متى انتهك عرضي؟! متى سُلِبت عذريتي؟!
وتخلص إلى أنه لا داعي لكل هذه التساؤلات، لا جدوى منها، لا أحد سيسمعها، هي فقط مطالبة بالإجابة عنها وإلا تُدفن حية ويُدفن معها عارها.
انتفضت واقفة، تقدمت بأقدام ثابتة صوب المنقذ لها، الذي سيدفن معها سرها، فتحت زجاج النافذة، وأخذت في فتح الشيش، سمع الصوت، دخل مسرعا بعد أن أنهى المكالمة لتوِّه مع صديقه الطبيب، الذي أخبره بغشاء البكارة المطاطي...
وجدها صعدت النافذة وتستعد للقفز، صرخ بأعلى صوته غشائك مطاطي، لم يلحق منها إلا ذيل ثوبها تشبث بقوة به وسقط معها.
د. ابراهيم مصري النهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تشطير نص الوداع الأخير ( عمودي) للشاعرة البليغة أمل كريم وسوف

تشطير قصيدة الشاعر الاريب والاديب والناقد. عماد احمد  ........ الوداع الأخير........  (شوقِي وبالقلب لا بالفَيْس قد حظَرَكْ) وأغلقَ البابَ ي...