قصيدة......... ( رحيقُ أحباري )..........
عِشْ في الحياةِ كعابرٍ لا يرغبُ
بالمُكثِ فيها حيث منها نَعجَبُ
نبكي على عمرٍ يهرولُ لاهثًا
إن جاءَنا صبحٌ تلاهُ المغربُ
فلكم مضيتُ بها سنينًا و انقضت
منِّي السنونُ كأنَّها تتهرَّبُ
كنَّا شبابًا منذ أيامٍ مضت
ثمَّ انتهينا للمشيبِ و نغرُبُ
لم يبقَ من لذَّاتِها شيءٌ سوى
ذكرى عليها كم ننوحُ و نندبُ
هذا حديثٌ خذْهُ منِّي و انتبه
فأنا لقولِ الحقِّ دومًا أذهبُ
إيَّاكَ أنْ تأتي لقولي لاهيًا
كي لا تَخِيبَ كما يَخِيبُ الأخيبُ
من كان مثلي قد قضى لذَّاتِها
ما كان يومًا بالحقيقةِ يكذبُ
فاسمع لنُصحِي واعيًا و اعملْ بِهِ
فأنا قضيتُ العمرَ فيها أرغبُ
ثمَّ انتهيتُ إلى حقيقةِ كونِها
دارًا مع الأيامِ تفنى تَخرَبُ
فتجنَّبِ الآثامَ كي لا تنتهي
بسعيرِ نارٍ أنتَ فيهِ مُعذَّبُ
و انصت لمن يشكو إليكَ همومَهُ
فإذا شكى أنتَ الحبيبُ الأقربُ
النَّاس تعشقُ كلَّ مهمومٍ بها
فانظر لهم بالعطفِ حتمًا تُرغَبُ
اصنع فِعَالَ الخيرِ دومًا و انتظر
من ربِّ هذا الكونِ أجرًا يُحسَبُ
و إذا رأيتَ النَّاسَ تقضي ليلَها
في اللَّهوِ فاعلم أنَّهم قد أذنبوا
فتَنَحَّ عنهم جانبًا يا صاحبي
و اسلك طريقًا للهُدى تَتَقرَّبُ
إنَّ الذُّنُوبَ إذا وقعتَ ببئرِها
تُسقَى بماءٍ كالصَّديدِ و تَشرَبُ
و احذر لئيمًا إنْ أتاكَ مُصَاحِبًا
إنَّ اللئيمَ إذا تُصاحِبُ عَقرَبُ
يُعطيكَ عهدًا ثمَّ يَنْقُضُ عهدَهُ
و تراهُ كالحرباءِ لونًا يُقلَبُ
لو بات قِدرُكَ فوقَ نارٍ يصطلي
لأتى إليكَ مُهَروِلًا يَتَشَقلَبُ
أمَّا إذا جاءَتكَ ريحٌ و انطفت
ذاكَ اللَّئيمُ يروغُ منكَ و يهربُ
و إذا أتاكَ الدَّهرُ يُرسِلُ سَهمَهُ
الصَّبرُ بالمكتوبِ درعٌ يُطلَبُ
أَوقِد شموعَ الصَّبرِ حتَّى ينقضي
ليلُ النَّوائبِ و المصائبُ تذهبُ
و اخفِ النَّعيمَ عن الحسودِ إذا أتى
عينُ الحسودِ بسهمِ غِلٍّ تَضرِبُ
أمَّا العدوُّ فكن حريصًا أن يرى
تاجَ النعيمِ لكي تراهُ يُعذَّبُ
يسري لهيبٌ يصطلي بفؤادِهِ
يبقى على جمرِ السُّهادِ يُقَلَّبُ
هذي النَّصائحُ كالشموسِ مكانُها
كَبِدُ السَّماءِ لكي يُضِيءَ الكوكبُ
فَأْنَسْ بها إنْ جاءَ ليلٌ مظلمٌ
النُّورُ في الظَّلماءِ حتمًا يُطلَبُ
و إذا قطفت زهورَ غصنِ قصيدتي
فاعلمْ بأنَّ رحيقَ زهري طيِّبُ
تهفو لهُ كلُّ الفراشاتِ التي
باتت لعطرِ أزاهري تتعقَّبُ
بقلمي حازم قطب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق