( أمي الحبيبة ) في رثاء أمي رحمها الله
أمِّي الحَبِيبَةُ هلْ لنَا بِتلاقِ
قدْ طالَ مكثُكِ في الثَّرى وفِراقِي
ما لي رجاءٌ بعدَ فقدِكِ في الدُّنا
ودَّعتُ صُبحِي واختَفى إشراقِي
فالقلـبُ مكلُومٌ غدَا مِن حُزنِهِ
دمعًا يَسيلُ أسىً مِن الأحداقِ
وبكَى يُراعِي بالقريضِ لِحالتِي
فدُموعُهُ تجرِي على أوراقِي
مازالَ ذِكرُكِ حاضرًا بالرَّغمِ مِن
غدرِ الـزّمـانِ وزيفِهِ الـبَرَّاقِ
في حُجرِ أمّي مانَسِيتُ طُفولَتِي
وتَدلُّلي في حُضنِهـا و عِناقِي
ما زلتُ أذكرُ صبرَها وشقاوتِي
و تَعنُّتِي وحنانَها وشِقاقِي
إن غِبتُ عَن أمّي تعيشُ تَلهُّـفًا
بِلظى البعادِ وحرقَةِ الأشواقِ
وإذا مرِضتُ تألَّمتْ لِتألُّمِي
فَتبيتُ في سهدٍ وفي إحراقِ
نحو النّجاحِ تحثُّنِي لِي حافزٌ
لِتَقدُّمِي وتخافُ مِن إخفاقِي
وإذا الطّعامَ تَركتُ يومًا حانِقًا
راضيتَنِي بالعطفِ والإشفاقِ
كانَ الشَّرابُ ومِن يَديها سائِغًا
والآنَ قدْ أضحى بِغيرِ مَذاقِ
ما ذقتُ نوماً هانِئاً من بعدِها
والنَّفسُ تظمأُ مالها مِن ساقِ
أبداً فما أُنسِيتُ لحظةَ عِلمِها
أنِّي مَرِيضُ الحالِ في إرهـاقِ
قدْ هاتَفتنِي(كيفَ حالُكَ يابُنَي)
تَبكِي ولِي تَدعُو مِن الأعماقِ
رقَّتْ لِحالي في فِراشِ مَماتِها
والنَّفسُ قد قَرُبتْ مِن الإزهاقِ
ياحسرَتِي وتَندّمي لمْ تَنْسنِي
في الإحتضارِ وروحُها بِتراقِ
نادتْ (تعالَ لِكي أراكَ مُودعًا
حانَ اللِّقاءُ بِقادرٍ خَلَّاقِ )
سَافرتُ في عَجلٍ ودَمعِي سَاكبٌ
وَرَكبتُ جَمرًا مِن لَظى إقلاقِ
لمّا وصَلتُ وجَدتُها قدْ شارفتْ
لِلمَوتِ ما مِن مُنقِذٍ أو راقِ
و الأكسجينُ مُرَكّـبٌ لِتَنفُّسٍ
ولِسانُها قدْ صامَ عَن إنطَاقِ
لكنّها لمّا رأتني أمْسَكتْ
بِيَدِي وزادَ الطَّرفُ في إرمَاقِ
وعَلا النَّحيبُ غدَا بِغيرِ تَوقُّفٍ
والحزنُ نـارٌ والدُّموعُ سواقِ
فَعرَفتُ أنَّهُ حانَ وقتُ فِراقُنا
فَودَاعُنا بِمَدامِعٍ و مآقِ
واللَّيلُ مُنتَصِفٌ هُنالِكَ ودَّعتْ
هذِي الحياةَ و آذَنتْ بِطلاقِ
والرُّوحُ مِنها لِلجِنانِ قد ارتَقتْ
تَحـيا بِخُلدٍ تَلـتَقِي بِرِفَاقِ
عَانَيتِ آلامـاً وقَلبُكِ صَابِرٌ
فَتَكتْ بِجِسمِكِ مَالَهُ مِن واقِ
أمَّاهـ قَلبِي بَعدَ مَوتِكِ مُوجِعٌ
في الحزنِ يَحيا لِلعناءِ يُلاقِي
قدُ كُنتِ يا أمِّي لِجُرحِي بَلسَماً
بلْ أنتِ رُوحِي راحَتِي تِرياقِي
أمّاهُـ يا كفّ النَّدى عندَ العَطا
كالغيثِ في كَرمٍ وفي إغدَاقِ
( يا دولةٌ ) لِمَحبـّةٍ في عَالمٍ
مُتَباغِضٍ بِالحربِ في إغْراقِ
أمّاهـُ يَاشمسِي التّي قدْ غادرتْ
كَونِي فَحلّ الحزنُ فى آفاقِي
عودي إليَّ .. مع الفراقِ كأنَّني
عَيـن ٌبِلا نُورٍ ودونَ رَواقِ
إنَّ الأمومَةَ محضُ حبٍّ صادقٍ
مِن غَيرِما مَلَقٍ ودونَ نِفاقِ